تأول الزنداني يمنع تكفيره
السؤال: ( لولا تأول الزنداني لكفرته لأنه من عرف معنى الديمقراطية ورضي بها فهو كافر) هذا القول للشيخ الإمام مقبل الوادعي رحمة الله أشكل علي ، فما معناه ؟
الجواب: بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد ، نعم ، لا شك في كفر من عرف معنى الديمقراطية ورضي بها ، لأن الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب ، وحكم الأغلبية ، وأما عندنا في الإسلام ، "إن الحكم إلا لله" ، الأصل في الحكم أنه من خصائص ربوبية الله تبارك وتعالى ، وكذلك من خصائص ألوهيته عز وجل ألا نتحاكم إلا إلى حكمه سبحانه وتعالى لا إله إلا هو ، فإذا اعتقد الإنسان أنه يجوز للأغلبية أن تحكم على الأقلية أو غيرها ، وإذا اختلفوا كان الحكم للأكثر مطلقا سواء أكان ذلك يوافق أو يعارض شرع الله تبارك وتعالى فهذا كفر ، وشيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وغيره من مشايخنا قال بأن الديمقراطية كفر، والنظام الديمقراطي نظام كافر لأنه يقضي بأن الحكم للأغلب سواء أكان حقا أم باطلا ، وأبضا من سخط فقد برئ كما قال عليه الصلاة والسلام ، أما إن رضي لموافقة هذا الحكم لهواه ، أو كان في مصلحته فرضي به ، وكما يحصل عند كثير من الناس يثنون على الديمقراطية وأنها قدرهم ، فهذا كله خطأ فإن الذي قدره الله عز وجل على كل الناس أن الحكم لله تبارك وتعالى ، حتى أن كثيرا من المنتسبين للإسلام ولطلب العلم حاولوا كثيرا التقريب بين الديمقراطية والإسلام ، فحينا يقولون ديمقراطية الإسلام ، وآخرون يقولون اشتراكية الإسلام ، فهذا كله قول باطل وفاسد بل إنه من تزيين الفساد ، فلا شك أن النظام الديمقراطي نظام كافر لأنه يرجع الأمر في الأحكام على الخلق والعباد إلى أغلبية الناس ، وهذا بلا شك خلاف شرع الله تبارك وتعالى ، ولكن يجب التنبيه بأننا لا نكفر من يقول بهذا القول الكفري بسبب التأويل ، لأنهم متأولون ، وكثير ممن ينتسب إلى العلم لبسوا على الناس بقولهم أن الديمقراطية هي صورة أخرى من الشورى في الإسلام ، فهذا كله باطل وفاسد ولا أساس له من الصحة ، فالتأويل يمنعنا من تكفيرهم ، ولكن هذا القول كفر ، وهذا معلوم بأن قائل الكفر لا يكفَّر حتى تقام عليه الحجة وأما إن كان متأولا فلا يكفَّر ، والتأويل يمنع إطلاق وصف الكفر على من يقول الكفر ومن يفعل الكفر ، مثل المأمون فإنه كان يقول بخلق القرآن بل حمل الناس بالقوة والقهر والسجن والقتل أن يقولوا بأن القرآن مخلوق ، ومعلوم من أقوال العلماء مثل الشافعي وغيره بأنه من قال بأن القرآن مخلوق فقد كفر ، ومع ذلك لم يكفروا المأمون لأنه متأول ، فقائل الكفر ليس بكافر وفاعل الكفر ليس بكافر إلا بعد إقامة الحجة ، لأن التأويل مانع من موانع إطلاق لفظ الكفر من حيث الإطلاق إلى التعيين على الأشخاص المعينين ، فهذا معنى كلام الشيخ رحمه الله ، ولا شك أن كلامه موافق لكلام أهل العلم والسنة قديما وحديثا .