رد البدع وهجران أهلها ...
السؤال: هل فرّق السلف بين البدعة المفسقة والمكفرة من جهة ردها وهجر صاحبها إذا كان داعيا لها وهل هذا التقسيم صحيح؟
الجواب: بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد ، من جهة ردها فكلها تُرد ، فالبدع كلها ينبغي ردها ، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة ، إضافية أم أصلية ، مفسقة أم مكفرة ، فالبدع في نفسها تُرد ، وأما من حيث هجر صاحبها ، فالهجر بحسب المصلحة ، ونحن لا ننظر إلى مصلحة المبتدع فقط ، كما يفعل كثير من الدعاة الان حيث يقولون : نحن لا نهجر المبتدع ولكن نهجر بدعته ، لأن هجرانه يزيده في بدعته ، فهؤلاء نظروا فقط إلى مصلحة المبتدع وهي بلا شك معتبرة شرعا ، ولكن قبل مصلحة المبتدع مصلحتك أنت ، فأنت إذا خالطته تأثرت به ومال قلبك إليه وإلى بدعته ، والواجب أن يخاف الإنسان على نفسه ، ومن الخوف على النفس وجوب هجر هذا المبتدع الذي يدعو إلى بدعته ويزينها ، وبالطبع فإنه ما من صاحب بدعة إلا يزين بدعته لأنه يراها حسنة ويرى أنها من دين الله وكماله ، فالواجب أن تخاف على نفسك أولا وتراعي مصلحة نفسك أولا ، ثم مصلحة العامة كي لا يقتدوا بهذا المبتدع ، خاصة إن كنت ذا منزلة عند العامة ، فالناس ستراك تخالطه وتذهب عنده ولو أنه مبتدع لما فعلت ولما وقرته وقدرته، لذلك توقير صاحب البدعة فيه هدم للإسلام ، حيث ستضر الأمة وتضر العامة ، فانتبه يا عبد الله مصلحتك أولا ومصلحة العامة ثانيا ، ثم تطبيق نصوص النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصوص الولاء والبراء ، ثم أخيرا مصلحة المبتدع ، فإن كان هجره يحجبه ويرده عن بدعته فهذا يُهجر ، أما إن كان هجره لا يأتي بمصلحة له وسيستمر في بدعته فلا يهجر ، فالمقصود ، أنه يجب مراعاة هذه المصالح الأربعة : أولا :مصلحة النفس ، وثانيا : مصلحة عامة المسلمين ، وثالثا : وجوب تطبيق وتحقيق نصوص الولاء والبراء ونصوص النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، رابعا : مراعاة مصلحة المبتدع ، فالمبتدع يُهجر إن كان في هجره مصلحة للمرء نفسه - أعني الهاجر - ، ويُهجر كذلك إن كان في هجره مصلحة عامة أهل الإسلام لئلا يعتدّوا ببدعته وينخدعوا بأقواله وأفعاله ، ويُهجر كذلك إن اقتضت النصوص الشرعية ذلك ، ويُهجر أيضا إن كان في هجره مصلة له أيضا بأن يترك بدعته ويدعها ، والله تعالى أعلى وأعلم